الحاج الحبيب تنالت Elhaj elhabib

الحاج الحبيب، أو سيدي الحاج محمد الحبيب فقيه مدرسة تنالت ايت صواب رحمة الله عليه ..

الحاج لحبيب تنالت



ولادته ومسقط رأسه :


ولد #الحاج_الحبيب بدوار آيت الطالب إبراهيم بقبيلة أيت ميلك الشتوكية نحو 1285ه ووالده إبراهيم هو الذي انتقل إلى هذه القرية، بعد أن انتقل جده عبد الله من قرية تاغرابوت بقبيلة أيت فلاس الودريمية إلى مدشر قرب بيوگرة بشتوكة. وقد تركه والده صغيرا، فنشأ يتيما في كفالة والدته، وذاق مرارة اليتم وشدة الفقر، وضنك العيش، ما يذوقه عادة أمثاله من الأيتام، ولكن الله كلأه بعينه التي لا تنام وكنفه في كنفه الذي لا يضام، فنشأ نشأة طيبة، وتربى تربية حسنة، وخرج من تلك المرحلة الحرجة سالما غانما ...



مسار دراسته :


سلكت به والدته مسلك أسرته البوشوارية العالمة الفاضلة، فوجهته إلى الدراسة، ليرث نصيبه من مجد هذه الأسرة العلمي والديني، وساعدته في ذلك بكل ما يستطيع، فحقق الله رجاءها فيه، وأصبح من ألمع شخصيات هذه الأسرة، وأكثرها إشراقا وإشعاعا..


وتتضمن مرحلة دراسته مرحلة حفظ القرآن، ومرحلة تلقي العلوم اللغوية والشرعية والصوفية..

ورد في كتاب المعسول للعلامة المختار السوسي أن هذه المرحلة استمرت إلى 1314ه ووفي هذه المرحلة تمكن من حفظ القرآن وإتقانه بروايات ورش وقالون والمكي، على أيدي أساتذة فضلاء منهم الأستاذ محمد بن عبد السلام الميلكي الشتوكي، الصحراوي الأصل في قرية إيغير ملولن، والأستاذ محمد بن العربي الأمزالي، والأستاذ الفقيه الحاج علي التوفلعزتي الهلالي(ت1322ه). والأستاذ أحمد بن محمد نايت الأمين التوزويني، والأستاذ سعيد المغراوي..

وقد تحدث تلميذه سيدي إبراهيم الرگيتي عن حفظه القرآن الكريم، فقال: « وكيفما كانت هوية من اخذ عنه، ومهما تعددت أشياخه فإنه كان غاية بل آية في القرآن العظيم حفظا وضبطا ورسما وإتقانا وغير ذلك من جميع ما جرت العادة بالحصول عليه في ذلك بالديار المغربية، فهو نجم لامع بين القراء قبل أن يكون قمرا بين العلماء».

واستمرت مرحلة تلقيه للعلوم بكيفية منتظمة إلى سنة 1324ه وخلال هذه المرحلة تنقل بين كبار علماء زمانه، وحضر مجالسهم التعليمية، وشرب من مناهل علومهم وأخلاقهم الصافية، ما نقع غلته، وأشبع نهمته، فأبدر هلاله، وبان فضله وكماله..



شيوخه :


هؤلاء العلماء الذين علموه فأحسنوا تعليمه، وكونوه فأحسنوا تكوينه، هم العلامة العربي بن إبراهيم الأزكري التودماوي الصوابي (ت1330ه) الذي أخذ عنه بعض المبادئ في مدرسة فوكرض الصوابية، وهو زوج أخته التي أنجبت العلامة سيدي الحاج إبراهيم بن العربي (ت1406ه)، والعلامة الحاج عابد (عبد الرحمان) البوشواري (ت1350ه) دفين تاكوشت الصوابية والعلامة الطاهر بن محمد بن صالح نايت بلا الإدَومحمدي الشتوكي (ت نحو 1341ه) الذي أخذ عنه في مدرسة أيت إيعزا والعلامة الحاج محمد أزونيض المراكشي (ت 1317ه) الذي أخذ عنه في مدينة مراكش، والعلامة محمد بن إبراهيم السباعي التكروري (ت1332ه) الذي اخذ عنه في مراكش أيضا، والعلامة أبو العباس الحاج أحمد بن عبد الرحمان الجشتيمي التملي (ت1327ه) دفين تييوت بضواحي تارودانت، وقد استأذن المترجم شيخه سيدي الحاج عابد البوشواري في الالتحاق بالجشتيمي للأخذ عنه، فأذن له والتحق به، وكرع من منهل علمه وصلاحه حتى تضلع، وأعجب بشيخه هذا أيما إعجاب لدرجة أن شمسه كسفت – أو كادت- نجوم شيوخه الآخرين، وهو الذي ظل يلهج بذكره، وهو مراده بالفقيه كلما أطلقه.

إلى جانب هؤلاء الشيوخ الكبار الذين اخذ عنهم بعض معارفه، توجد جماعة أخرى من الشيوخ تبرك بهم وأجازوه، وانتفع ببعضهم في ميدان التصوف، ومنهم: الشيخ ماء العينين (ت1328ه) الذي أخذ عنه بالإجازة المطلقة، وأفاده كثيرا في ميدان التصوف والشيخ أحمد الهيبة بن ماء العينين (ت1337ه)؛ والشيخ النعمة بن ماء العينين (ت1339ه)؛ والشيخ مربيه ربه بن ماء العينين (ت1361ه). وهؤلاء الثلاثة أخذ عنهم وأجازوه عندما لازمهم أيام الكفاح والعلامة المحدث محمد بن جعفر الكتاني المهاجر إلى المدينة، أخذ عنه بالإجازة في حجته الأولى والشيخ الصوفي يوسف النبهاني (ت1350ه) الذي اجتمع به في المسجد النبوي وأجازه وأذن له أن يروي عنه جميع كتبه، وجميع مروياته ومسموعاته في جميع العلوم؛ والشيخ عمر حمدان التونسي الذي أخذ عنه بالإجازة في الحرمين الشريفين..




وفاة الشيخ :


انتقل الحاج محمد الحبيب - بعد عمر مديد حافل بجلائل الأعمال إلى جوار ربه راضيا مرضيا، يوم الإثنين 26 محرم 1397ه (1977م) ودفن بجوار مدرسة تنالت، وكانت وفاته صدمة كبيرة لطلبته وأحبائه وعارفيه، وفجّر هذا الحدث في الجلل مشاعر الأسى في نفوس المتأدبين منهم فرثوه بقصائد عديدة، أوردها تلميذه الحاج عبد الله الفارسي في الرتائم الجميلة، واتخذ تلاميذه وأحباؤه يوم وفاته موسما سنويا يجتمعون فيه بتنالت لزيارة ضريحه ومدرسته والترحم عليه، والعمل من أجل استمرار رسالته التعليمية والتربوية ...




كفاح الشيخ :


كانت حياة العلامة كلها حياة جهاد وكفاح، لم يخلد للراحة والكسل، وإنما صبر وصابر ورابط في جبهات متعددة، أهمها جبهة محاربة الجهل ثم جبهة محاربة الاستعمار ..

فعندما اكفهر الجو السياسي في المغرب في أوائل القرن العشرين الميلادي، ووقعت وثيقة الحماية، شعر الحاج الحبيب  كما شعر غالب علماء سوس  بأن الواجب الديني والوطني يفرض عليه أن يكون في طليعة المجاهدين، دفاعا عن الوطن والمواطنين وحماية لدار الإسلام والمسلمين، فانضم إلى الشيخ أحمد الهيبة، عندما تزعم الحركة الجهادية في تيزنيت عام 1330هـ/1912م وكان صاحب سره، ومن أخلص مستشاريه، ورافقه إلى مراكش، وكان يتردد عليه وعلى خلفه في كردوس إلى أن داهم الاحتلال الفرنسي جبال جزولة سنة 1352هـ فتعرض لمضايقات ومناوشات عديدة من الإستعمار الفرنسي، لدرجة أنهم أمطروا مدرسة تنالت بوابل من القنابل بواسطة الطائرات، وهذا ما جعله يلتحق بمنطقة أيت باعمران متخفيا، ولم يرجع إلى مدرسة تنالت إلا بعد أن استقرت الأوضاع ..



صداقة الملك الحسن الثاني :


أرسل الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله رسولا الى سيدي الحاج الحبيب يدعوه للحضور الى قصر أݣادير فكان جواب الحاج الحبيب كالتالي ..  

قل لسيدنا إنني أحترمه وأقدره، وأعتبره إماما للمؤمنين، ودعوته لي شرف كبير، فإذا كان حقا يرغب في رؤيتي فليحضر إلى الزاوية هنا، فمن تواضع لله رفعه..

هذا الرد من الشيخ العلامة الزاهد الحاج محمد بن الحبيب على مرسول الملك الذي طلب منه التحرك فورا للقاء الملك الحسن الثاني في قصره بأݣادير، رد لم يكن إلا ليزيد الفقيه المتضلع في القرآن وعلومه حظوة ومكانة لدى الملك..

 بعد ذالك كسرت علاقته بالملك الراحل كل الحواجز البروتوكولية وكان الملك يقوم بعدة رحلات شبه أسبوعية أحيانا أدمنها الملك بين قصره في الرباط ومنطقة “تنالت” بإقليم آيت باها لمجالسة الفقيه العلامة “الحاج محمد” في زاويته هناك ربما والله أعلم أن دعوات الشيخ للملك الحسن الثاني كانت سببا في نجاته من المحاوالات الإنقلابية ..

 بعد الدعوة الأولى دع الملك الحسن الثاني الشيخ الحاج محمد” إلى قصره في أكادير، للمشاركة في حفل ديني في القصر سيحضره العديد من فقهاء سوس وعلمائها البارزين، فقبل الدعوة وتبادلا الزيارات عدة مرات ...

Post a Comment

أترك لنا رأيك في التعليقات

أحدث أقدم