حاحا من كتاب افريقيا ihahan

وصف تاريخ وعادات قبائل حاحا ( إحاحان ) في القرن السادس عشر من كتاب افريقيا للكاتب الإسباني مارمول كرڤخال :



حاحا كتاب افريقيا



اقليم حاحا او (إحاحان) باللغة الأمازيغية المحلية:

هذا اقتباس من كتاب افريقيا الجزء الثاني ...


يقول الكاتب :


إقليم حاحا هو الجزء الواقع في أقصى غرب مملكة مراكش، ولذلك فهو أول ما سنصفه ..

حيث إن ترتيبها يمتد من الغرب إلى الشرق .. هذا الإقليم يحتل رأس الأطلس الكبير الذي يسميه الأفارقة تبقال ويحده من الغرب والشمال ومن الجنوب جبال الأطلس الكبير المتاخمة لإقليم سوس» ومن الشرق نهر أسيف المال الذي يفصله عن إقليم مراكش، ينبع هذا النهر من جبل هنتاتة» ثم يسيل في السهل إلى أن يلتقي بنهر تانسيفت، الذي يفصل هذا الإقليم عن إقليم دكالة، وتوجد في هذه المساحة كلها جبال عظيمة وعرة شاهقة جدا وصخور مغطاة بالأشجارء تنبع فيها جداول تسقى منها أودية صغيرة، وفي جميع هذه الأماكن قطعان كثيرة من الماعز والحمير لخدمة السكان، لكن غيرها قليل بسبب وعورة الجبال ينمو فيها الشعير بكثرة، لكن القمح لا ينبت فيها أصلا، وتجارة النحل بها رائجة كتجارة الماعز بسبب الكمية الهائلة من الشمع التي تستخرج منها وتباع مع الجلود بمدينة أسفي» حيث يأتون من أوربا لشرائها ..


سكان هذا الإقليم يحبون الحرب شرسون يعيشون بدون رادع ولا شرطة ولا يزرعون كروما ولا بساتين وإن كان بالإمكان أن توجد منها أصناف جيدة في الشعاب ..

ويستخرج الزيت الذي يستهلكونه من نواة بعض الأثمار التي تحملها أشجار شائكة تسمى أرݣان وهذا الثمر بحجم البرقوق الغليظ، وأحيانا أكبر وليس له سوى نواة مغطاة بقشرة تلمع في الليل كالنجم عندما تكون ناضجة، تأكل الماعز هذا الثمر ثم يجمع هؤلاء الأفارقة النواة من زريباتها لأنها صلبة لا تستطيع الماعز أن تكسرها فتفرزها كاملة تماما ويصنعون من لوزها الزيت الذي ذكرته والذي له رائحة كريهة وطعم رديء ..


لا يعتز هؤلاء القوم بالتعلم ولا يعرف أحد منهم القراءة باستثناء بعض الفقهاء, ولا يوجد عندهم أطباء ولا جراحون, ولا صيدليون ولا بقالون ويتداوون من الأمراض بالحمية أو بكي العضو المصاب فليس هناك إذن سوى بعض الحلاقين لختن الأطفال وحلق الشعر ورغم كونهم جميعاً مسلمين فإنهم لا يعرفون من هو محمد (عليه السلام) وما هي شريعته لكنهم يعملون ويقولون دائماً ما يسمعونه من أقوال الفقهاء وما يشاهدون من أعمالهم ولباسهم العادي نوع من ثياب الصوف الغير الملبد يلتوون بها وهي لا تقل خشونة عن غطاء الفراش إلا بقليل، لكنهم يضعون على جلدهم إزارا من نفس الثوب يغطيهم من الحزام إلى نصف الساق ولا يضعون على رؤوسهم قبعات ولا طاقيات وإنما يلفون عليها عمامات من صوف عرضها نحو نصف قدم يلفونها خمس مرات أو ست حول رؤوسهم كعمائم وأجملها ما كان من قماش القطن المُعْلّم بالحمرة مع جديلات تتدلى من الجانبين على شكل هدب أو قزعة ويتميز الفقهاء بقلنسوات حمر تُحمل إليهم من طليطلة وقرطبة، أو بعمائم صغيرة من القماش الغليظ لا يرتدون القميص أبدا لإنعدام الكتان عندهم وإن استطاع أحدهم أن يكسبه هم يستحسنونه كثيرأ إذ لا يملكه إلا النبلاء الذين سبق لهم أن عاشوا في بلاط الملك أو النساء الظريفات اللاىي يستوردنه من مراكش أو أسفي كما أنهم يرتدون شبه قميص من نسيج مصنوع من صوف خشن،

 ويحلق الشبان رؤوسهم ولحاهم إلى أن يتزوجوا وعندئذ يُعفون شعر اللحية ويتركون ذؤابة في أعلى رأسهم سيعرف بها المسلمون يوم القيامة حسب قول العرب

 وأما سكان المدن فلباسهم أكثر تحضرا إذ يرتدون صدريات من نسيج الملف الملون ذات أذيال عريضة ونصف أكمام ذات أزرار كبرة من قدام يلبسون فوقها شبه قميص أكثر رشاقة شيئا ما ..

وللنساء سترات أو عباءات يسمينها (حياك) وهي شبيهة بالسترات التي يرتديها الأتراك أو المغاربة فوق ثيابهم ولو أنها أقل لطافة، وشبه قمصان من القماش طويلة وعريضة جدا وتتدثر النساء النبيلات داخل المنازل بقماش مخطط بالحرير مربوط في صدورهن بمشبك من الفضة أو الصفرء على غرار الإبزيمات التي تجعل على صدر الحصان لكنهن يحملن في أذرعهن أساور كبرة من فضة وخلاخل ضخمة فوق كعاب أرجلهن واللواتي لا يستطعن أن يقتنين هذه الحلي من فضة يتحلين بها من حديد أو نحاس كما أنهن يعلقن بأذانهن ثلاثة أقراط أو أربعة من ذهب أو فضة أو حديد كل واحدة حسب وضعيتها، تنظم فيها حبات من زجاج ملون مثبوثة فيها للأليء صغيرة.

والفرّشُ العادية للنبلاء هي تلك البسط ذات الشعر الطويل التي هنا وتأتي من افريقيا يضعونها تحتهم بعد أن يطووها عدة طيات تاركين قسما كبيرا منها متدلياً يستعملونه كغطاء ويتخذون (الحياك) عوض أغطية السرير، وفي رأس السرير وسادات طويلة ضيقة مصنوعة من صوف أو من قماش غليظ وليس للعامة سرير سوى حصير من أسل أو جلود الضأن او الماعز، ويتغطون بقمصان أو سترات ..


• النساء جميلات بشراتهن ناعمة بيضاء والرجال أقوياء شديدو الغيرة يلجؤون إلى العنف والبطش إذا رأو منهن خيانة لأنهن ميالات إلى الغرام بطبعهن ..


طعامهم المعتاد في الغالب دقيق الشعير الذي يعاجونه بكيفيتين يصنع منه بعضهم رغيفاً يخبز في الفرن كما في أوربا ويصنع منه اخرون فطائر خفيفة جدا تطهى بالنار على انية من خزف أو على بقايا جرار مكسورة فتؤكل هكذا ساخنة بالسمن أو العسل أو بذلك الزيت الذي ذكرناه *أرݣان* وأحيانا بلحوم الماعز المطبوخة المقطعة إذ ليس عندهم بقر، والغنم نادر جدا يصعب رعيه في هذه الجبال .. 

ولهم أطعمة أخرى عادية كالعصيدة التي تصنع بقطعة من العجين المطبوخ بالماء والملح يصب هذا الماء وهذا العجين المطبوخ في إناء من خزف ثم يجعل ثقب في الوسط ويملأ سمتا أو زيتا ذلك هو المرق الذي تغمس فيه الأطراف ثم يشرب عندما يكون الجميع قد أكل وهناك أيضا حلوى مصنوعة من دقيق الشعير المطبوخ في اللبن أو الزبدة الطرية، يأكلونها بنفس الكيفية لكن الطعام الذي يتناوله الأفارقة (الأمازيغ) والعرب بكثرة هو الكسكسو يأكلون لحم الماعز أو النعجة أكثر مما يأكلون لحم الضأن أو البقر لأنهم يقولون إنه مريء أكثر، لكنني أظن أن سبب ذلك هو أنه أرخص ثمناً ولهم كمية كبيرة من البيض فالدجاجة لا تساوي إلا ثمانية أو عشرة مرابطي (عملة) ومجموعة اثنتي عشر بيضة تساوي حوالي نصف ذلك الثمن.

 وإذا أرادوا الأكل جلسوا على الأْض نساء ورجالا وإذا وضعت القصعة وسطهم أخذ كل واحد منها بيده مما يليه أعني اليد اليمنى معتقدين أن الأكل باليسرى خطيئة قاتلة لأنهم يستعملونها عندما يستنجون ولا يسمح لهم دينهم أن ياكلوا بالملاعق وإذا ما انتهوا من الأكل لحسوا أصابعهم وفركوا أيديهم الواحدة بالأخرى أو حول السواعد وهكذا ينشفون أيديهم لأنهم لا يستعملون سماطات ولا فوطاً ولا حتى مناديل، وعندما يغسلون أيديهم لا يمسحونها وإنما يتركونها في الهواء حتى تجف وهم غلاظ لدرجة أنهم رغم الجداول الكثيرة التي تسيل من الجبال إلى الشعاب ويمكنهم أن يجعلوا عليها طاحونات يكلفون نساءهم بطحن ما يحتاجون إليه يومياً من الدقيق بسواعدهن في أرحاء صغيرة من حجر تدار بيد واحدة وليس عندهم صابون ولا يعرفون ما هو لكنهم يغسلون ثيابهم بشمع من النبات يسمونه غاسول ..،


هذا الإقليم كثير السكان يحتوي على قرى كبيرة ومدن ضخمة يعمرها قوم مشاغبون كانوا يتحاربون دائماً قبل قيام إمبراطورية الشرفاء لأنهم يعيشون حسب أهوائهم لا يراعون فيما بينهم شريعة ولا عدالة غير قابلين أية سلطة تقمعهم سلاحهم سلاح قوم متوحشين يحملون في أيديهم ثلاثة سهام أو أربعة رؤوسها فولاذية حادة قاطعة وخناجر مقوسة على شكل المنجل تقطع من الداخل وأسنتها في غاية الدقة والحدة ويتخذون مقلاعين أو ثلاثة يتوشحون بها ولا يعرفون البندقيات والقذافات الا منذ بضع سنوات عندما كانوا مضطرين إلى مساعدة الشريف في حروبه وقد تدرب بعضهم عليها وامتلكوا شيئاً منها لكن بترتيب سيء ،

 كما أن لهم قليلا من الخيل مع أنها قصيرة فهي خفيفة لدرجة أنها تتسلق الجبال كالماعز ولو كانت غير مصفحة يحمل فرسانهم رماحا مع درق صغيرة من جلد وسكاكين على شكل خناجر ولهم سروج ذات ركابات قصيرة لعدم وجود غيرها في إفريقيا كلها يحاربون وهم متفرقون يهاجم كل واحد حيث ما شاء ويلتحقون دائماً بأعلى الجبال وأصعب المسالك فيقذفون منها بالحجر والحصى التي تزعج الصاعدين وتضايقهم، يهاجمون بصرخات هائلة بحيث يُظن أنهم كثير العدد ويفزع أحيانا من لا يعرفونهم وحيث إن البلاد وعرة وصعبة وليس هم بغال ولا بقر فإنهم يحرثون أراضيهم بالحمير التي هي قوية وإن كانت قصيرة، وتوجد في جميع انحاء الإقليم كمية وافرة من وحش الأيْل واليحمور والخنزير البريء، وأكبر الأرانب في بلاد البربر كلها ذلك كل ما يمكن أن يقال باختصار عن أخلاق أهل حاحا وطرق معيشتهم وسائر شعوب بلاد البربر الذين يعيشون في الجبال بصفة عامة، لأن الفرق بينهم قليل وإن كان منهم من هم أكثر توحشا سنرى ذلك في الوصف الذي سنخصصه لهم.




كربخال مرمول هو جندي اسباني اعتقل ابان الحروب المغربية الأندلسية ولد حوالي سنة 1520م وتوفي حوال سنة 1600م قضى ثمان سنوات في السجن في الجزائر وبعد ذالك عاش في المغرب وتعلم اللغة العربية والأمازيغية لكنه بقي وفيا للكنيسة .. ألف كتاب افريقيا تحدث فيه عن الحروب الإسلامية الصليبية في دروتها في الشرق والغرب ضد العثمانيين من جهة وضد المغاربة من جهة اخرى .. لكن مع تاريخ الحروب وثق الكاتب عادات وتقاليد وخرائط عدد من الأقاليم المغربية التي سماها مملكة مراكش على غرار إقليم حاحا الذي اوردناه أعلاه .

Post a Comment

أترك لنا رأيك في التعليقات

أحدث أقدم